اول من أنشأ الفساد ( ابليس وبن عبد الوهاب)
إعلم أن أول من أنشأ الفساد ، وابتكر الشقاق والضلال بين العباد وأسس الزيغ عن الحقيقة ، وعدم الموافقة ، والخروج عن الجادة إلى العناد ، هو أول عاص الله تعالى فى خلقه أجمع ، وهو إبليس لعنه الله تعالى . ومصدر ذلك : ( 1) استبداده بالرأى فى مقابلة النص (2) واتباعه الهوى فى معارضة الأمر (3) واستكباره بالمادة التى خلق منها وهى النار على المادة التى خلق منها آدم عليه السلام وهى الطين ، وقد تشعب من هذه الشبهة شبهات وسارت فى الخليقة ، وسرت فى أذهان الناس حتى صارت مذاهب بدعة وضلال _ وهذه ترجع فى الاصل إلى حالة واحدة وهى : الحسد فى مقابلة النعمة _ فاعتراضه على خالقه لجهله بمقام رب العلمين . فقال : ( أأسجد لمن خلقت طينا ) وقال : ( أنا خيرا منه خلقتنى من نار وخلقته من طين ) ثم قال أرأيتك هذا الذى كطرمت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلا ). ولهذا كان الناس عنده على نوعين : لأول _ نوع يئس من التسلط عليه ، وانقطع أمله فى إغوائه ، وهم من ليس له عليهم سلطان وهم العباد المخلصون كما هو صريح اعتراف إبليس عل نفسه فيما حكاه الله تعالى بقوله : لأزينن لهم فى الارض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ) وقد أكد الله تعالى الاستثناء الذى قرره إبليس راغما فقال تعالى ( إن عبادى ليس لك عليهم سلطلن إلامن اتبعك من الغاوين ).
والثانى _ نوع أخر مكنه الله تعالى منه ، فسماه حزب الشيطان وجنده وآتباعه وهم الغاوون المعنيون بقوله تعالى ( إلامن اتبعك من الغاوين ) وهذا النوع الثانى ، منه الكافر الصريح ومنه المنافق الذى قال : آمنت بلسانه ولم يؤمن بقلبهوجنابه ، وهو أخطر من الكافر الصريح ، وأدخل فى سلك الجندية الإبليسية والرعوية له . ومن هذا الصنف الثانى : الخوارج على ما ورد وصفهم فى الأحاديث الآتية ، ومن هذا النوع أيضا ، عصاة المؤمنين إلا أن سلطان إبليس عليهم غير تام لانخراطهم فى حزب الله بالسبب الأقوى وهو الأيمان ، ولاقبال الله تعالى عليهم كلما استغفروا وأنابوا كما قال تعالى ( وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم )
فالمقالة( أما حالا :فلأن عصاة المؤمنين عامره بالأيمان لم يصبها سهام إبليس ، وأن لعب بجوارحهم الظاهرة أحيانا
.فمردهم : إما إلى توبة نصوح ، وأما الى عفو من الغفور الرحيم، ولا كذلك الخوارج فقد انتزع إبليس من صدورهم الإيمان وحشاها مكان الإيمان غلا وحقدا واستهزاه بالمؤمنين وردهم الى عذاب النار وسخط الجبار وبئس القرار0
وما تقول فى قوم ليس لهم عداء إلا على أهل الله تعالى وخاصته من خلقه يسمونه أصناما ويسمون محبيهم عباد أصنام ويلقبون أنفسهم بأنصار السنة أو السلفيه، فالى أى فريق يعزى هؤلاء؟ وفى أى سلك ينخرطون ؟ لاشبهة بأنهم من الخوارج المارقين، كما لا شبهة فى أن الخوارج من المردة المنافقين ، وصدق الله تعالى حيث يقول : (ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعضفيركمه جميعا فيجعله فى جهنم) فقد أستبان لك أن عناصر الشر فى الدنيا ثلاثه (الكفار - المنافقين - الخوارج)وهم جند إبليس الذين لهم خصومه مع الانبياء المكرمين ومن على أقدامهم الى وقتنا هذا، وإن شاء الله تعالى سنذكر الحكمة فى كونهم ثلاثة قد بان لك أن لخوارج غير عصاة المؤمنين حالا ومآلا ، أما حالا
واعترض بها اللعين على خالقه جل شأنه نتيجة محاورات دارت بينه وبين الملائكة لعدم سجوده مع الملائكة فقال:
1- لم خلقني ؟ 2- ولم كلفني بمعرفته وطاعته؟ 3- ولم كلفني بطاعة آدم والسجود له ؟ ولما لم أسجد له؟ 4- ولم لعنني وأخرجني من الجنة؟ 5- ولم سهل لى الدخول على آدم الجنة ثانيا فوسوست له وغررته وأخرجته معي منها؟ 6- ولم سلطني على أولاده حتى أرهم من حيث لا يرونني ؟ 7- ولم أمهلني لما استمهلته؟ ولو أهلكني لا ستراح العالم منى وعاشوا على الفطرة طاهرين سامعين مطيعين على الخير بدون أمتزاجة بالشر؟ فهذه السبع الشبه التى قالها اللعين الجاهل بمقام رب العالمين ولم يدر الجهول أن من مقتضيات كمال ألذات أن تكون جامعه بين الضدين اذ لو خلقت على الخير فقط لا تصف الوجود بالنقص للشق الآخر إذ لابد للخير من شر يقابله والكون كله مبنى على أصلين .المقابلة والمماثلة.كما هو معلوم إذ بالمقابلة يأتي العناد والتنافر وبالمماثلة يأتي التاَلف والتوافق إن الله على كل شيء قدير.
هذا ومن المعلوم الذي لا مراء فيه أن أول ظهور الخير هو اَدم عليه السلام فبدأ اللعين بالمقابلة بالشر بما ظهر فيه وبه ومنه ومن هنا صح قولنا أن كل شبهه وقعت لبنى اَدم فإنما هي من إضلال الشيطان ووساوسه نشأت من شبهاته ولما كانت أسباب الضلال محصورة فى السبع رجعت كبار البدع والضلالات إلى سبع ولا يجوز أن تعدو شبهات . فرق الزيغ والكفر هذه الشبهات وإن اختلفت صورها وتباينت أحوال الطرق فيها فإنها بالنسبة إلى أنواع الضلالات كالبذور وترجع جملتها إلى استنكار الأمر
مع ظهور الحق ـــــوإلى الجنوح للهوى فى مقابلة النص ـــــــ وها كم من جادل نوحاً وهوداً وصالحاً وإبراهيم ولوطاً وشعيباً
وموسى وعيسى ومحمداً صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين ـــــــ فكلهم نسجوا على منوال اللعين الأول في إظهار
شبهاته –وحاصلها يرجع إلى دفع التكليف عن أنفسهم وجحدوا أصحاب الشرائع والتكاليف بأسرهم إذ لا فرق بين قولهم
(أبشر يهدوننا )وبين قوله (أأسجد لمن خلقت طيناَ) وعن هذا صار مفصل الخلاف ومحز الافتراق كما هو في قوله تعالى
(وما منع الناي أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشراَ رسولا)- فبين أن المانع من الإيمان هو هذا المعنى كما
قال في الأول –(ما منعك ألا تسجد إذا أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )- وقال المتأخر من أتباعه كما
قال المتقدم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين) وكذلك لو تعقبنا أحوال المتقدمين منهم وجدناها مطابقة لأقوال
المتأخرين –(كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون )-(فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به
من قبل )- فاللعين الأول لما أن حكم العقل على ما لا يحتكم عليه العقل لزمه تحكم الخلق فى أمر الخالق جل شأنه ولقد صدق بعض المحققين في قوله إن الله تعالى خلق إبليس ليكون رسولا للشر ضد جميع الأنبياء والمرسلين ومن على منوا لهم ليحصل بذلك تمام نظام العالم بأن يكون للهدى رسول يدعو إلى الخير- وللضلال رسول يدعو إلى الشر وهذا معلوم بالضرورة في أصول الشرائع وبذلك يكون الجهاد وفضل المجاهدين قال تعالى ألم أعهد إليكم يا بنى اَدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني )-(لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا . قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزءاَ موفوراَ).
ومن أمعن النظر وتأمل بعين الفكر عرف أن أول مظهر للخير قابله أول مظهر للشر فكان ذلك مصداق قوله تعالى ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون )- وقد قلنا إن المقابلة والمماثلة هما أساس التكوين - وهذا في الممكن بالفعل وأما في القول فقد سبق قوله تعالى (إني جاعل فى الأرض خليفة) فقوبل بالقول (أتجعل فيها من يفسد فيها ) وذلك استفهام عن الحكمة فسبحان المبدع - ( ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى)
ويستمر الشيخ فى كتاباته فيقول : إن سبب جمع هذه لأدلية العقلية من الكتاب والسنه . ومنها : الإجماع والقياس والأسثنباط.
هو ما كان يرد على فى أثناء قراءتى للدروس فى الأزهر الشريف ، وكثرة السائلين من المعاندين ومن على مبادئهم . وكنت أراهم كالشياطين .تارة ظاهرين . وأخرى مختفين . فكنت أعرفهم بنور الأيمان . فيسألون عما جاء فى القرآن المجيد من صفات الأفعال التى للحق عز وجل مما تشابه صفات الحوادث .
1- كقوله تعالى : ( والسماء بنيناها بأيد) (أأمنتم من فى السماء ) ( واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا ) . (الرحمن على العرش استوى) وفى الحديث :ينزل ربنا إلى سماء الدنيا ) وفى الحديث (يضع الحق قدمه فى النار فتقول قط) وفى حديث الجارية التى أشارت إلى السماء ، وفى حديث ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء ) وغير ذلك من الأيات والأحاديث التى هى شبه الضالين ومن على شاكلتهم . هذا بالنسبه للحق عز وجل ، وأما بلنسبة لحضرته صلى الله تعالى عليه وسلم .
فيقول السائل : مات ما معنى ما اشتهر على ألسنة الناس فى قولهم فى رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ياأول خلق الله . ونعلم أن أول من خلق من لبشر آدم عليه السلام
- وما معنى لإستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم .
- وما حكم زيارته صلى الله عليه وسلم هل تنفع الزائر .وماحكم التوسل به بعد موته؟
-وما معنى يانور عرش لله؟ وماحكم الصلاة عليه بعد الأذان ولصلاة عليع بغير الصلاة الابراهيميه؟
-وما معنى السائل بحق نبيك عندك؟
- أوليس الحلف بغير الله شرك كالحلف برسول الله وبالأولياء شرك؟
- وهل رسول الله صلى لله عليه وسلم حى؟
- وهل يسمع ويجيب أم مات وأنتهى؟ (إنك ميت وإنهم ميتون)
- وهل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى يقظه؟ وما معنى ذلك وقد انتهى الجسد وأنقطعت عنه الحياة ؟ هذه شبههم بالنسبة للحق عز وجل ولرسوله صلى لله عليه وسلم.
وأما بالنسبة لشبه مستحدثات الكون فكثيرة جدامنها قـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول السائيل منهم.....
1- لانعمل إلا بالقرآن والثابت بالسنه الصحيح . لاحاجة للإجماع . ولا القياس ولاالاستنباط والدين الصحيح الخالص ما كان يعمل صلى الله تعالى وسلم لاغير.
- ماحكم الصلاة فى المساجد التى فيها القبور؟
وأسئله كثيرة من تكفير أهل العلم والتطاول على الأولياء بأنهم أصنام وأوثان
وآخر جاء بكتاب ( كشف الشبهات لابن عبد الوهاب ) الذى جمع فيه جميع الآيات التى فى القرآن بشأن الكافرين والمشركين وجعلها شاملة لزائر قبر النبى والأنبياء والصالحين والأولياء
وآخر يجئ بالعقيدة الواسطية لأبن تيميه وببعض الوسائل التى كانت قدوة لأتباعه المعجبين برأيه وهم يعتنقونها بلا تدبر . ويقول : أنه لا يجب العمل إلا بمافى هذا.
وسنوافيكم ببعض من أقوالهم التى يرددونها وبعض من معتقداتهم وما اعتنقوه عن بن عبد الوهاب وسيتم الرد عليه بالتفصيل من كتاب الشيخ /عبدربه سليمان رحمة الله عليه
مقوله( مهمــــــــــــــــــــــــــــــــــــه)
لا يخفى على ذوى البصائر النيرة ، والعقول الراجحة ، أن كثرة الدعاة لهم الآن ، ومصدر انتشار مطبوعاتهم فى هذا العصر هو مساعدة دول الاستعمار التى يرجع منشأ عداوتها ، الى زمن الصحابة وسيد المرسلين ، فهم من ذلك الحين لا يزالون يحلمون : أنهم يبيدون الإسلام والمسلمين بأى طريقة يفكرون فيها تفكير الشياطين ، وكم فكروا ؟ وسعوا وجاهدوا واجتهدوا بكافة الوسائل فلم يفلحوا : (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله الا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) ( إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) فبحوله وقوته تعالى لم يستطيعوا لآن منزله حافظه ، ووعده سبحانه حق ، وقوله تعالى صدق :
ولم يبعد عليك العهد ، أنهم طالما أتوا بأعلم علماء وأفصح فصحاء قسيسهم ورهبانهم للتبشير فى البلاد الاسلاميه المستعمرة لهم وكان هنا بمصر تحاجهم صغار الطلبة من الازهر ، فأعجزوهم وأفحموهم .
ولما لم يفلحوا عمدوا إلى فقراء وضعفاء الايمان من الطلبة بالازهر . وصاروا يستميلونهم بالاموال ، ويحملونهم على عمل جمعيات تضمهم وتجمعهم ، ويساعدونهم بكافة الطرق اللازمه لهم ، حتى فى نجاحهم فى الامتحانات ، بطريقة خفية إلى أبعد حد ، ليكونوا دعاة لهم فى التضليل فى المراكز التى ينالونها بعد التخرج ، ويوجهون كل واحد منهم فى ناحية من نواحى الدين ، للطعن فى عقائد المسلمين ، والتشكيك فيها ، والتفريق بينهم ، وكان من أكبر همهم القضاء على حفظة القرآن لكريم ، وها هو ذا من أو صلوه إلى رياسة التربية والتعليم
فى ذاك الوقت ، حتى أقترح أمورا ، منها القضاء على مدارس تحفيظ القرآن الكريم ، الذى هو مصد=ر أوامر لله تعالى ونواهيه لعباده أجمعين . ومنها توحيد التعليم فى جميع المراحل الثقافية والدنية وغيرها توطنة لمحو مصدر العلوم والمعارف الدنية فى جميع أنحاء الكرة الارضية (الازهر) الذى ما جعله الله عز وجل الا ليكون مصدرا لفهم كتاب رب العلمين ، وسنة سيد المرسلين . اللذين شاء الله تعالى بقاءهما ما بقيت الدنيا بأهلها الطيبين وكل من أراد هذا التراث الخالد بسوء قسمه الله ، كما هو مشاهد وجرت به العاده تعالى قال تعالى ( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ) وقل تعالى ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)
ولما كان حال المضلين المأجورين فى حاجة الى ما يستندون إليه ، ويعتمدون عليه ، فى تلك الدعاوى التى سندت اليهم بالمخالفة، عمدوا إلى كتب أسلافهم ، الضالين ليكون لهم شبه العذر فى قيامهم بهذه لمهمة لعظيمة التى لم يقم بها ، ويصدع بأمرها ، ويجهر بدعوتها ، إلا كل خوان أثيم ، ومن يشاء منهم أن ينغمس فى حطام الدنيا كمن سبق فارتقى من خدمة مراحيض المسجد إلى عمارات وسيارات ، وغيرهم ممن كان من المهملين بين العلماء فارتفع إلى مراكز لم يكن يحلم به ،لآنه كان فى زوايا الأهمال فارتقى وظهر بتلك الدعوة الضالة.
فالذى يطمح منهم إلى تلك المظاهر الدنيويه يدرج على مبادئ المخالفين وينسج على منوال المارقين ، وليس لهم فى تلك المخالفة إلاما بيناه لك ، وخاصية أستعداد تكوينهم وقابليتهم للشر الصرف ، لمراجعتهم وقراءتهم كتب المخالفين ضد إجماع المسلمين من ذلك الحين القديم
ولما عهدوا اليهم ذلك وقبلوه، وقاموا به ، وأعلنوا الدعوة إليه ،ساعدوهم على طبع تلك الكتب لتكونحجة فى أيديهم ، وعظموا مؤلفيها، بالألقاب لفخمة لضخمة ، ليكون لهم لحق فى الأخذ منها والاستدلال بها ، فأغنوا أعدء الدين عن القسوس والرهبان والمبشرين وهذه الدعوة ضد الاسلام والمسلمين ، ولا مبلاة لهم بمخالفتهم لإجماع المسلمين، وياليتهم وقف بهم الأمر لهذا الحد ، بل يطعنون فيمن أسسوا هذا الدين الحنيف الخلد ، الذى ينسبون أنفسهم إليه ، ويأخذون الألقاب العظيمة به وهو الأجماع .
ولم يدرى الواحد منهم أن الإجماع هو السبب الوحيد فى نسبته لأبويه حتى -قال لى أحدهم : من أنى لنا هذا الولى الذى يزار ، مات على الإيمان؟ حتى نعتقد أنه ولى ؟ فقلت له : ومن أنى لنا أنك ابن أبيك ؟ فبهت الذى كفر . ثم أقمت له البرهان العقلى والنقلى من الكتاب والسنة على أن الاجماع حجة فى الدين كما سنبينه فى الرد .
ومن طمس بصيرتهم التى لم يهتدوا بها إلى فهم كلام رب العالمين ولا سنة سيد المرسلين - وقد فهمها واهتدى إليها العلماء العاملون فأقروها وأجمعوا على جواز العمل بها - انهم ينكرون وصول ثواب القرآن إلى الميت وأنه لا ينفعه - وكيف هذا مع قوله تعالى ( وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين ) وقد ثبت بصريح صحيح السنة أنه شفى المريض . والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم صلى على الميت وقرأ الفاتحة فى حديث البخارى ومسلم . فهل قراءة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم للفاتحة على الميت كانت عبثا ؟ وقد جعلها الامام الشافعى رضى الله تعالى عنه ركنا فى صلاة لجنازة - وسنوضحه فى الرد على مايدور بخاطرهم .
وبلغ بهم من لشر ولعمل على هدم إجماع المسلمين أنهم ينكرون كل ما استحدث فى الدين ، وجاء أصله فى كلام رب العالمين ، وبيان سنة سيد المرسلين ، من الأمور لتى لم يشأ الله تعالى إظهارها إلا فى الأزمنة التى أراد تعالى إظهارها فيها على يد عباد لم يخلقوا فى هذة الأزمنة قال تعالى ( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم) الآيات .
فالصحابة رضوان الله تعالى عليهم كانوا يستنبطون من القرآن والحديث وكذلك يكون هؤلاء الآخرين من بعدهم وفى الحديث الشريف (فرب بملغ أوعى من سامع)
فكل عمل ظهر بعده صلى الله تعالى عليه وسلم هو مطوى .فى الكتاب والسنة - وإن لم يكن معمولا به فى زمنه صلى الله تعالى عليه وسلم كالصلاة والسلام بعد الآذان . وقراءة سورة هل الكهف يوم لجمعة . والمنارة وتجويف المحراب . وكل شئ يعارضون فيه وإلا لزم عليه قلب الاوضاع الإلهية ( ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا)
ومما أطبق عليه عمى قلوبهم .أنهم يحرمون التوسل بالصالحين ،أ ولم يروا أن الله أباح التوسل . حتى بالبهائم ؟ كما فى باب الأستسقاء.
فكيف لا يجوز بالتوسل بعباد الله الصالحين؟ والأموات أحياء من أحياء الدنيا
روى البخارى عن عبد الله بن أبى أوفى ن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض أيامه التى لقى العدوا انتظر حتى مالت الشمس ثم قام فى الناس فقال : أيها الناس لا تمنوا لقاء العدو وأسألوا الله العافيه فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف . ثم قال اللهم ممنزل الكتاب ومجرى السحاب وهازم الأحزاب أهزمهم وانصرنا عليهم - قال شارحه المراد التوسل بنعمة الدين والدنيا والآخرة
وبمن سبق حضرته صلى الله تعالى عليه وسلم من لاموات من إخوانه الأنبياء فى حديث السيده فاطمة بنت أسد أم سيدنا على بن ابى طالب
وسنوضح بعد ذلك التوسل والوسيله فى مرة أ تبصرة وتبيان
لما تقدم لك الكلام على إبليس وعلى شيء معنى بعض حكمة الحكيم العليم فى إيجاده تعالى للموجودات _ عن لنا أن نذكر لك شيئا من معنى أهل الخطاب والتكليف _ وهم أربع _ الملك والجن والشيطان والإنسان عساك أن تهتدي إلى الصراط المستقيم وتقف على شيء من عظيم قدرته عز وجل ويكون ذلك سلاحا قويا لك في دفع شبه الزائغين المنحرفين عن الصراط المستقيم الذي أناره رب العالمين بكتابه المبين الجامع بين نوعى الهدى والضلالة قال تعالى ( يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون) . وإن تعجب فعجب قولهم فى خير خلق اله صلى الله تعالى عليه وسلم أنه بشر مثلك مثله ، والإطراء فيه زيادة عن الحد شرك فكيف يتفق هذا مع قول الله تعالى في حضرته صلى الله تعالى عليه وسلم ( وإنك لعلى خلق عظيم ) والخلق هو الجامع لأمهات الكمال والفضائل وقد سماه تعالى نورا وكتابا مبينا في قوله جلت قدرته ( قد جاءكم نور وكتاب مبين يهدى به الله ) . الآية قال العلامة الألوسى في تفسيره : النور والكتاب هو حضرته صلى الله عليه وسلم بدليل عود الضمير عليهما مفردا . وسيأتي حرفيا عند بيان حقيقته صلى الله عليه وسلم وقد سماه تعالى : الحق في قوله تعالى: ( فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتى مثل ما أوتى موسى ) وقد وفينا المقام في الكلام على الحقيقة المحمدية على ما سيأتي . قال تعالى لحضرته صلى الله تعالى عليه وسلم ( تراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) وفي صحيح الترمذي رضي الله تعالى عنه فيما يرويه عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه أنه قال : رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في ليلة أضحيان وعليه حالة حمراء فجعلت أنظر إلى وجهه وأنظر إلى القمر فوالله الذي لا إله إلا هو لهو عندي أبهي من القمر . فأنظر إلى من كشف الله تعالى بنور الإيمان عن قلبه فعرف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وإلى من كان يراه كشخص عادى ، وهاكم حديث إسلام ثمامة المروى عند البخاري عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بنى حنيفة يقال له ثمامة بن أثال فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما عندك يا ثمامة ؟ فقال : عندي خير يا محمد إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت فترك حتى كان الغد ، ثم قال له ما عند يا ثمامة ؟ قال ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر فتركه حتى كان بعد الغد ، فقال ما عندك يا ثمامة ؟ قال عندي ما قلت لك ، فقال أطلقوا ثمامة فأنطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ، ثم دخل المسجد فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله يا محمد والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلى من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلى ، والله ما كان من دين أبغض إلى من دينك فأصبح من دينك أحب الدين إلى ، والله ما كان من بلد أبغض البلاد إلى من بلدك فأصبح بلدك أحب البلد إلى ، وأن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر فلما قدم مكة قال قائل صبوت قال لا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم . فأنت تري هؤلاء الملاحدة المارقين من الدين الذين أعمي الله تعالى بصائرهم ينظرون إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نظرة ثمامة إليه وهو كافر عدو لحضرته صلى الله تعالى عليه وسلم _ ولو كانوا مسلمين لنظروا إليه عليه الصلاة والسلام نظرة ثمامة وهو مسلم وسيأتي ما هو أوضح إن شاء الله تعالى .
وأعلم أن الفاعل المختار اقتضت حكمته العالية التنويع في الموجودات فأوجد عالم الأنوار _ وهم من عالم الأمر_ لا من ذكر وأنثي بل بقول كن _ كالملائكة _ وعالما آخر من مارج النار وهى الحرارة الشديد الناشئة عن النار ليس فيها لهب ولا دخان وجعل فيهم التناسل من ذكر وأنثي وهم الجان _ وعالما آخر من عالم الجن وهم الشياطين من الذكورة والأنوثة أيضا وعالما آخر وهو عالم المادة الآدمية وجعله مركبا جامعا لجميع العوالم السالفة الذكر فجعل فيه ما فيهم وزيادة المادة وجعلهم من ذكر وأنثي فكانوا أفضل المكلفين ولما كانوا أفضل المكلفين كانوا أفضل المخلوقين أجمعين . وبه يستدل على أن الحقيقة الإنسانية أفضل الحقائق الإمكانية . وإن الله تعالى جعل منها أفضل الرسل والله تعالى عوالم لا تحصى . وآثار الصفات من الموجودات لا تستقصي _ ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) _ والكلام في ذلك لا تسعه الأوراق فجل الصانع رب العالمين _ ولما كان هذا الخلق على أنواع بمقتضي آثار الصفات وفى الأصل على حالتين بمقتضى كمال الذات كان المال إلى نزلين (( الجنة والنار )) هذا ولما كانت حكمته العالية تقتضى ربط الأمور بأسبابها جعل التكليف محلا للاستحقاق لتظهر حكمة العدل والأنصاف _ والتكليف لم يكن إلا لهؤلاء الأربع وكل بحسب ما خلق له إذا الحكم التدوينى محاذ للحكم التكويني .خرى